آخر الأخبار
منظومة كويتية متكاملة لمواجهة آفة المخدرات
Wednesday, December 31, 2025
منظومة كويتية متكاملة لمواجهة آفة المخدرات
تشهد الكويت تقدما ملحوظا في مكافحة المخدرات عبر منظومة صحية وتشريعية متكاملة تجمع العلاج المتخصص والتشريعات المستحدثة حماية للأسرة وحفاظا على استقرار المجتمع في إطار وطني لمجابهة هذه الآفة وتوفير فرص التعافي من الإدمان. 

وترتكز هذه المنظومة على دور محوري لمركز علاج الإدمان التابع لوزارة الصحة من جهة وإسهامات الجمعيات المتخصصة مثل جمعية بشائر الخير من جهة أخرى بدعم من تعديلات تشريعية حديثة في قوانين مكافحة المخدرات عززت المسار العلاجي ووسعت من بدائل الحبس للمتعاطين ورسخت في الوقت ذاته حماية المبلغين وأسر المرضى، لاسيما القانون رقم 195 لسنة 2025 في شأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الذي دخل حيز التنفيذ مؤخرا.

من هنا، يؤكد متخصصان لـ«كونا» أن تكامل الأطر العلاجية والوقائية والأمنية والتشريعية يوفر أرضية أكثر ملاءمة للتعامل مع إدمان المواد المخدرة والمؤثرات العقلية من منظور علاجي لا عقابي، موضحين أن هذا التكامل من شأنه المساهمة في تخفيف الأعباء الصحية والاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن آفة المخدرات، كما يعمل على تحصين المجتمع وأبنائه من آثارها المدمرة، من خلال المؤسسات العاملة في هذا المضمار.

وفي هذا السياق، يرى مدير مركز علاج الإدمان بوزارة الصحة د.حسين الشطي أن المركز ركن أساسي في الحد من التعاطي ومكافحة المخدرات من خلال تقديم برامج علاجية متدرجة وشاملة تستند إلى أسس علمية وتتعامل مع الإدمان باعتباره مرضا مزمنا يمكن التعافي منه بدعم علاجي ونفسي واجتماعي متكامل. ولفت إلى أن الطاقة الاستيعابية للمركز 500 سرير موزعة على مختلف الأجنحة لعلاج الحالات، مشيرا إلى أنه يشتمل على مبنيين رئيسيين يتم فيهما التعامل مع الحالات عبر مرحلتين، الأولى سحب السموم والثانية التقييم الأولي، علما أن المبنى الجديد الذي يمثل ما يعرف بـ«منزل منتصف الطريق» مخصص للعلاج المتقدم.

وأوضح الشطي أن المركز يستقبل المرضى البالغين من المواطنين والمقيمين ممن تجاوزوا سن الـ21 عاما ليمروا عبر البرنامج العلاجي من خلال عدة مراحل تبدأ بمرحلة سحب السموم التي تمتد عادة بين أسبوع وأسبوعين يتم خلالها التعامل مع الأعراض الانسحابية بصورة طبية بحتة، ثم تأتي مرحلة التقييم الأولي التي تستغرق أسبوعا إلى أسبوعين أيضا يتم خلالها تقييم الحالة من الناحية النفسية والسلوكية والاجتماعية لتحديد احتياجات المريض وخطته العلاجية.

وذكر أن المراحل المتقدمة من العلاج تشمل العيادات الخارجية والرعاية المستمرة ومنزل منتصف الطريق، فيما تقوم الرعاية المستمرة على حضور المريض يوميا إلى المركز لإجراء الفحوصات الطبية وحضور المحاضرات الجماعية ومقابلة الفريق العلاجي مع استمراره في ممارسة حياته وعمله.

وأفاد بأن إدمان المخدرات مرض مزمن وسلوكي بطبيعته، من ثم فإن الانتكاسة لا تعد فشلا للخطة العلاجية إنما جزء متوقع من مسار المرض، مبينا أن الهدف من العلاج هو تقليل عدد مرات الانتكاس وإطالة الفترة الفاصلة بينها وتقليل حدتها على غرار ما يحدث في أمراض مزمنة أخرى كالسكري والربو التي تسجل نسب انتكاس سنوية قد تصل إلى %40 أو %70 رغم الالتزام بالعلاج.

وأشار إلى أن الدراسات تظهر أن نسب التعافي تختلف بحسب مرحلة الإدمان ودرجة التزام المريض بالبرنامج العلاجي، إذ قد تصل نسبة التعافي في المراحل المبكرة إلى نحو %80 بينما تبلغ في الحالات المتقدمة حوالي %40 في حين تعد نسبة الانتكاس في السنة الأولى من التعافي من بين الأعلى وقد تصل إلى %60 لتتراجع لاحقا مع استمرار المتابعة والعلاج، لافتا إلى أن بعض من أتموا 20 عاما في التعافي لا تتجاوز فرص انتكاستهم %5.

أعراض ذهانية

ولفت الشطي إلى أن بعض المواد المخدرة مثل مادة الشبو أصبحت تشكل خطرا مضاعفا، إذ يمكن أن تؤدي حتى عند تعاطيها بكميات بسيطة ولمدد قصيرة إلى ظهور أعراض ذهانية شديدة ومضاعفات نفسية معقدة، مشيرا إلى أن أبرز المواد التي يتعامل معها المركز حاليا تشمل الهيرويين ومشتقات الكيميكال والشبو.

وأوضح أن الخطة العلاجية في مركز علاج الإدمان لا تقتصر على الجانب الدوائي بل ترتكز في مراحلها اللاحقة على العلاج السلوكي والنفسي والاجتماعي من خلال جلسات الإرشاد النفسي والعلاج الجماعي والبرامج التأهيلية التي تستهدف تعديل السلوك ومعالجة الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي أسهمت في وصول المريض إلى حالة الإدمان.

وأضاف أن العلاقة العلاجية لا تنتهي بانتهاء وجود المريض داخل المركز بل تشجع البرامج العلاجية المرضى على الاستمرار في المتابعة عبر العيادات الخارجية والرعاية المستمرة بعد الخروج.

ووصف النصوص التي تسمح باللجوء إلى العلاج بدلا من العقوبة أو تتيح للأسرة طلب إلزام ابنها بالعلاج دون أن يسجل ضده حكم جنائي بأنها نقلة نوعية في التعامل مع مرض الإدمان بمنظور علاجي لا عقابي، مؤكدا أن علاج الإدمان مسؤولية مشتركة تتطلب تكاملا بين الأسرة والمؤسسات الصحية والجهات التشريعية والأمنية وأن تطوير برامج العلاج والتأهيل واستحداث تشريعات مساندة من شأنه أن يعزز فرص التعافي ويحمي المجتمع من الآثار الصحية والاجتماعية الخطيرة لتعاطي المخدرات.

رحلة التأهيل

وعلى صعيد التشريع، قال رئيس مجلس إدارة جمعية «بشائر الخير» عبدالحميد البلالي إن التشريع الكويتي الجديد لمكافحة المخدرات يمثل خطوة متقدمة في الاتجاه الصحيح إذ عالج معظم الثغرات الميدانية وفي مقدمتها تنظيم شكوى الإدمان وحماية المبلغين.

وبين البلالي أن القانون عمل على تثبيت سلطة الإيداع العلاجي بناء على تقارير المرافق المختصة ما أنهى عمليا إشكالية «الخروج عند الطلب» ورفع كفاءة المسار الإلزامي للعلاج، منبها إلى أن القانون شدد العقوبات على التاجر والجالب والموزع وتوسع في بدائل الحبس للمتعاطين عبر الإيداع في مرافق التأهيل بدلا من السجن بما يعزز فرص التعافي ويقلص الأثر الاجتماعي والاقتصادي لتعاطي المخدرات. وأشار إلى أن الجمعية تعمل منذ عام 1993 ضمن خريطة علاجية متكاملة بالتعاون مع وزارة الصحة والجهات الرسمية، تبدأ بسحب السموم تحت إشراف مركز علاج الإدمان ثم التأهيل الطبي والنفسي وصولا إلى مرحلة «منتصف الطريق» التي تهيئ المتعافي للاندماج في المجتمع من خلال بيئة علاجية شبه مفتوحة يتحمل فيها مسؤولياته اليومية ويتعلم الالتزام والانضباط قبل العودة إلى حياته الطبيعية. 

التعافي والانتكاس

أشارت الدراسات، بحسب الشطي، إلى أن نسب التعافي قد تصل في المراحل المبكرة إلى %80 وفي الحالات المتقدمة %40 في حين تصل نسبة الانتكاس في السنة الأولى من التعافي إلى %60 تتراجع لاحقا مع استمرار المتابعة والعلاج، لافتا إلى أن من أتموا 20 عاما في التعافي لا تتجاوز فرص انتكاستهم %5.

تحسين الاستجابة للعلاج

تنظم جمعية بشائر الخير لقاء أسبوعيا عاما للمتعافين ومحاضرات متخصصة وبرامج ميدانية في السجون والمستشفيات ورعاية لاحقة فضلا عن برامج موجهة للنساء في سجن النساء والمستشفى بإشراف متخصصات، وهو ما عزا البلالي إليه تحقيق نتائج مشجعة في تحسين استجابة المدمنات للعلاج.

محاكاة المجتمع الطبيعي

وصف الشطي «منزل منتصف الطريق» بأنه بيئة علاجية مفتوحة تحاكي المجتمع الطبيعي من خلال تكليف المرضى بمسؤوليات يومية مثل الاهتمام بالنظافة الشخصية ونظافة المكان والمشاركة في إعداد الطعام وخدمة الآخرين بما يساعدهم على استعادة دورهم كأفراد فاعلين في المجتمع. 



اقرأ أيضا بنفس القسم
لرفع مستوى الوعي لدى النزلاء والمجتمع بأهمية تجنب الوقوع في الخطأ وارتكاب الجريمة
ممثلة بالإدارة العامة للأدلة الجنائية
رفع المركبات المخالفة في مواقع الصيانة عند عدم الالتزام
لتقديم إقرارات ذمة مالية غير صحيحة والتأخر عن تقديمها في المواعيد المحددة