آخر الأخبار

حنان الفارس
حصير الوالي
5/11/2018 12:32:56 AM

طلب الوالي حصيراً من الخادم ففزع الخادم ، و ضج القصر بالصراخ و الأنين ، و أجهضت الخادمة الجالسة في الغرفة السفلية ، و الرجل المسن الجالس على عتبة باب المسجد ركض لداره و أغلق الباب بإحكام فالآن سوف تصدر الأحكام ، وقف الوالي على المنصة ، فأدرك الحجر ما هي القصة "سوف تصدر الأحكام

و لكن ماهي التهمة ؟

لا تهمة … ولا ذنب..

فهل هناك حكم بلا ذنب ؟

لماذا طلب الوالي حصيراً ؟! تساؤلات تجر في ذيلها تساؤلات …..

الحصير الذي يملكه الفقراء المعدومين المشردين في بقاع الأرض المنفيين من الإنسانية ، الحصير مرقع بعرق المكافحين المجتهدين ، قال الوالي:

بِسْم الله الرحمن الرحيم

أأتوا لي بحصيركم لأرى لماذا تزورني في أحلامي ، فحصيركم أقلق منامي ، فكل ليلة يأتي و يبكي أمامي ، و يصرخ كفى طغيانًا و حرمانًا ، أرتبك مفتي البلاد ، و اعتبر هذا الحلم الحاد ، فكيف الحصير الحقير و هو الشعب العظيم ينطق حتى بالأحلام ، فهذا جرم لا كفر لا لا لا طبعًا الحاد .

قال المفتي : سيدي شعبك العظيم لا يملك حصير فكل ما يملكه حريرًا بحرير ، فانظر لوجوههم فالسعادة تشع بريقًا من أعينهم ، حتى ظننت أن الشمس تسجن في محاجرهم.

ابتسم الوالي .

صاح الطفل الجالس في آخر الصفوف : هذا كلام كله كذب و افتراء ، فلم أرى الحرير إلا على أجسادهم ، و لم أذق الطعام الشهي لأن لذته رحلت مع فسادهم .

يسرقوننا في الصباح و في المساء يتمايلون على أوجاعنا ، هذا حصيري في يدي فاجعله يعبر عن مافي قلبي .

نطق الحصير و قال: ولي البلاد المنزه من أوجاعنا ، أنا مخروم بالفقر و الألم ، أنا من صنعتني امرأة كانت من عامة الشعب لأكون لها استقرارًا ، وعندما نامت سرقني رجلاً وجه مليء بالثقوب ، سرقني لينام في حضني بسلام وراحة يا للعجب فالسارق ينام قرير العين و المرأة التي تعبت في صنعي تنام مرتعبة ( تناقض غريب(  !

مرت الأيام و سرقني طفلاً قصير القامة عندما كان الرجل ذاهبًا يبحث عن سرقة جديدة ، و أيضاً نام بحضني براحة و طمأنينة كأن السرقة أصبحت لهم شريعة ، و أصبحت أتنقل من سرقة إلى سرقة كبرى .

تعبت … ذابت خيوط الصبر .. تغير لوني ، و عندما انتهت مدة عمري رموني ، و هذا الطفل أتى بي لأكون شاهدًا ، ولعل شاهدتي تنقذني .