آخر الأخبار

المستشار / محمد جاسم المديرس
محامٍ للدولة... ومحامٍ للمواطن
12/9/2017 7:30:07 PM
حق الدفاع عن النفس وحق الإنسان في المحاكمة العادلة سواء كان مدعيا أو مدعى عليه، وسواء كان متهما أو مجنيا عليه، وهو من الحقوق الأصيلة التي حثت عليها كافة دساتير المجتمعات، وأصبح ينظر إلى المجتمع الذي يحرص على إقرار تلك الحقوق والعمل بها على أنه من المجتمعات الديمقراطية الحديثة التي يجدر العيش بها بسلام وطمأنينة.
وقد أوصانا الخالق سبحانه بالعدل والإحسان وعدم تفضيل إنسان على أخيه الإنسان، وقال جل شأنه «وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل»، ولن تتحقق العدالة بين الأفراد إلا إذا تمكن كل طرف من الدفاع عن نفسه في محاكمة عادلة محاطة بكافة الضمانات التي تكفل للمتقاضي أن يبدي ويقدم للقضاء كل ما لديه من دفاع وأدله وأسانيد، تقطع بأنه مارس هذا الحق على الوجه الذي ينبغي. إن الكويت من أوائل الدول التي حرصت على توفير كافة الضمانات الفعالة لممارسة حق الدفاع في أفضل صورة وشددت المادة 34 من الدستور على ضرورة توفير الحماية القانونية والقضائية للمواطن وعلى الأخص توفير كافة الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع، فشرعت الدولة حزمة من القوانين تمنح المتقاضي الحق في توكيل محام للدفاع عنه أمام كافة جهات الاختصاص، بدءا من تحقيقات الشرطة والنيابة والحضور أمام كافة المحاكم على اختلاف أنواعها. ودرجاتها في كل أنواع القضايا  والكثير والكثير من الضمانات الأخرى في جميع إجراءات التحقيق والمحاكمة وانطلاقا من هذا الحق الشرعي والدستوري والاجتماعي والقانوني لحق الدفاع والمحاكمة العادلة، وتفعيلا أكثر لضمانات ممارسة هذا الحق، فنحن نقترح أن تقوم الدولة بتوفير محام من محامي إدارة الفتوى والتشريع للدفاع عن المواطنين غير القادرين مادياً والتوكل في قضاياهم لقاء أجر رمزي، حيث نوصي بأن تنشأ الدولة قسم خاص من محامي إدارة الفتوى والتشريع، تكون مهمته الحضور مع المواطن غير القادر ماديا في جميع القضايا وأمام كافة جهات التحقيق والمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وذلك لقاء مبلغ أتعاب رمزي تحدده الإدارة بحسب نوع الدعوى وقدر الجهد المبذول وعلى المواطن أن يقدم دليل عدم قدرته على توكيل محام حر، ولا غرابة في هذا المطلب فالمحكمة ذاتها تندب محاميا للمتهم غير القادر في قضايا الجنايات فما المانع من أن يكون ذلك في  كافة القضايا الأخرى أيا كان نوعها، حيث نصت المادة 120 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية على أن «للمتهم في جناية الحق في أن يوكل من يدافع عنه وعلى المحكمة أن تنتدب من المحامين من يقوم بهذه المهمة إذا لم يوكل المتهم أحدا» حيث نجد أن هذا المقترح تمليه مصلحة المواطن ويساهم في حمايته، فقد لا يستطيع المواطن غير القادر حماية نفسه أو حماية ماله، وقد يحبس في جرم لم يرتكبه لتقصيره في إبداء دفاعه السليم نتيجة عدم قدرته على توكيل محام للدفاع عنه فتنهار أسرته ويتشتت أبناؤه، ونحن لاننكر ما يمتاز به المحامي الكويتي الحر من علم وكفاءة وأخلاق وإنسانية يشهد بها الجميع ومحامو الكويت أنفسهم لا يمانعون أبدا في الوقوف بجانب كل مواطن متعثر ماديا لا يستطيع دفع الأتعاب نحن على ثقة تامة من ذلك فهم من أبناء الوطن الكرماء، وقد نصت المادة 9 من دستور البلاد على ضرورة الاهتمام بالأسرة وحفظ كيانها وتقوية أواصرها، وكلفت المادة 8 من ذات الدستور - الدولة بأن تصون دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة، كما كلفتها المادة 11 من الدستور بأن تكفل معونة المواطن في حالة العجز، حيث نأمل الأستجابة لتنفيذ هذا المقترح من قبل المسؤولين. فهو في الأصل يندرج ضمن الحقوق الأساسية التي كفلها الدستور للمواطنين دون تفرقة بينهم لأي سبب من الأسباب، ويضع هذا الاقتراح الكويت في مصاف الدول المتقدمة على الصعيد الإنساني والاجتماعي ويرسخ مبادئ وقواعد العدل والمساواة بين المواطنين ويكفل معونة المواطنين غير القادرين وتوفير الأمن والأمان وإقرار قواعد العدل والمساواة بين أفراد الوطن الواحد وكل ذلك بفضل هذا المقترح الذي يقدمه مواطن محب لوطنه.

اقرأ أيضا لنفس الكاتب